فصل: 3- الإسلام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.5- الوطء بالاكراه:

إذا أكرهت المرأة على الزنا فإنه لا حد عليها، لأن الله تعالى يقول: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}.
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه».
وقد استكرهت امرأة على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام فدرأ عنها الحد.
وجاءت امرأة إلى عمر فذكرت له أنها استسقت راعيا فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها - ففعلت - فقال: علي: ما ترى فيها؟ قال: إنها مضطرة، فأعطاها شيئا وتركها.
ويستوي في ذلك الاكراه بالالجاء - بمعنى أن يغلبها على نفسها - والاكراه بالتهديد، ولم يخالف في ذلك أحد من أهل العلم، وإنما اختلفوا في وجوب الصداق لها.
فذهب مالك والشافعي، إلى وجوبه.
روى مالك في الموطأ عن ابن شهاب أن عبد الملك بن مروان قضي في امرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك بها.
وقال أبو حنيفة: لا صداق لها.
قال في بداية المجتهد: وسبب الخلاف: هل الصداق عوض عن البضع أو هو نحلة فمن قال: هو عوض عن البضع أوجبه في البضع في الحلية والمحرمية ومن قال إنه نحلة خص الله به الاوزاج لم يوجبه.
ورأي أبي حنيفة أصح.

.6- الخطأ في الوطء:

إذا زفت إلى رجل امرأة غير زوجته، وقيل له هذه زوجتك فوطئها يعتقدها زوجته فلا حد عليه باتفاق.
وكذلك الحكم إذا لم يقل له هذه زوجتك، أو وجد على فراشه امرأة ظنها امرأته فوطئها، أو دعا زوجته فجاء غيرها، فظنها المدعوة فوطئها، لا حد عليه في كل ذلك.
وهكذا الحكم في كل خطأ في وطء مباح، أما الخطأ في الوطء المحرم، فإنه يوجب الحد، فمن دعا امرأة محرمة عليه فأجابته غيرها فوطئها يظنها المدعوة فعليه الحد، فإن دعا محرمة عليه، فأجابته زوجته فوطئها يظنها الاجنبية التي دعاها، فلا حد عليه، وإن أثم باعتبار ظنه.

.بقاء البكارة:

وعدم زوال البكارة يعتبر شبهة في حق المشهود عليها بالزنا، عند أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، والشيعة الزيدية.
فإذا شهد أربعة على امرأة بالزنا وشهد ثقات من النساء بأنها عذراء فلاحد عليها للشبهة ولا حد على الشهود.

.7- الوطء في نكاح مختلف فيه:

ولا يجب الحد في نكاح مختلف في صحته، مثل زواج المتعة، والشغار، وزواج التحليل، والزواج بلا ولي أو شهود، وزواج الأخت في عدة أختها البائن، وزواج الخامسة، في عدة الرابعة البائن، لأن الاختلاف بين الفقهاء على صحة هذا الزواج يعتبر شبهة في الوطء، والحدود تدرأ بالشبهات خلافا للظاهرية، إذ أنهم يرون الحد في كل وطء قام على نكاح باطل أو فاسد.

.8- الوطء في نكاح باطل:

وكل زواج مجمع على بطلانه، كنكاح خامسة زيادة على الأربع، أو متزوجة، أو معتدة الغير، أو نكاح المطلقة ثلاثا قبل أن تتزوج زوجا آخر، إذا وطئ فيه فهو زنا موجب للحد، ولا عبرة بوجود العقد ولا أثر له.

.حد القذف:

.1- تعريفه:

أصل القذف الرمي بالحجارة وغيرها.
ومنه قول الله تعالى لام موسى عليه السلام: {أن اقذ فيه في التابوت فاقذفيه في اليم}.
والقذف بالزنا مأخوذ من هذا المعنى، والمقصود به هنا المعنى الشرعي، وهو الرمي بالزنا.

.2- حرمته:

يستهدف الإسلام حماية أعراض الناس، والمحافظة على سمعتهم، وصيانة كرامتهم، وهو لهذا يقطع ألسنة السوء ويسد الباب على الذين يلتمسون للبرآء العيب، فيمنع ضعاف النفوس من أن يجرحوا مشاعر الناس ويغلوا في أعراضهم، ويحظر أشد الحظر إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا حتى تتطهر الحياة من سريان هذا الشر فيها.
فهو يحرم القذف تحريما قاطعا، ويجعله كبيرة من كبائر الاثم والفواحش، ويوجب على القاذف ثمانين جلدة - رجلا كان أو امرأة - ويمنع من قبول شهادته، ويحكم عليه بالفسق واللعن والطرد من رحمة الله، واستحقاق العذاب الاليم في الدنيا والاخرة، اللهم إلا إذا ثبت صحة قوله بالادلة التي لا يتطرق إليها الشك، وهي شهادة أربع شهداء بأن المقذوف تورط في الفاحشة يقول الله سبحانه: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم}.
ويقول: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين}.
ويقول: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والاخرة}.
وروى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات قالوا وما هن يارسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات».
وكان هذا التحريم الذي نزلت به الآيات بسبب حادث الافك الذي وقع لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزل عذري، قام النبي على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل عن المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم، وهم حسان ومسطح، وحمنة رواه أبو داود.

.ما يشترط في القذف:

للقذف شروط لابد من توافرها حتى يصبح جريمة تستحق عقوبة الجلد.
وهذه الشروط منها ما يجب توافره في القاذف، ومنها ما يجب توافره في المقذوف، ومنها ما يجب توفره في الشئ المقذوف به.

.شروط القاذف:

والشروط التي يجب توفرها في القاذف هي:
1- العقل.
2- البلوغ.
3- الاختيار.
لان ذلك أصل التكليف، ولا تكليف بدون هذه الاشياء.
فإذا قذف المجنون أو الصبي أو المكره فلا حد على واحد منهم، لقول رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق».
ويقول: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه».
فإذا كان الصبي مراهقا بحيث يؤذي قذفه فإنه يعزر تعزيرا مناسبا.

.شروط المقذوف:

وشروط المقذوف هي:

.1- العقل:

لأن الحد إنما شرع للزجر عن الاذية بالضرر الواقع على المقذوف، ولا مضرة على من فقد العقل فلا يحد قاذفه.

.2- البلوغ:

وكذلك يشترط في المقذوف البلوغ، فلا يحد قاذف الصغير والصغيرة، فإذا رمى صبية يمكن وطئها قبل البلوغ بالزنا، فقد قال جمهور العلماء: إن هذا ليس بقذف، لأنه ليس بزنا، إذ لا حد عليها ويعزر القاذف.
وقال مالك: أن ذلك قذف يحد فاعله.
وقال ابن العربي: والمسألة محتملة الشك.
لكن مالك غلب عرض المقذوف وغيره راعى حماية ظهر القاذف، وحماية عرض المقذوف أولى، لأن القاذف كشف ستره بطرف لسانه، فلزم الحد.
وقال ابن المنذر: وقال أحمد في الجارية بنت تسع يجلد قاذفها، وكذلك الصبي إذا بلغ ضرب قاذفه.
وقال إسحاق: إذا قذف غلام يطأ مثله فعليه الحد.
والجارية إذا جاوزت تسعة مثل ذلك.
وقال ابن المنذر: لا يحد من قذف من لم يبلغ، لأن ذلك كذب.
ويعزر على الاذى.

.3- الإسلام:

والإسلام شرط في المقذوف، فلو كان المقذوف من غير المسلمين لم يقر الحد على قاذفه عند جمهور العلماء، وإذا كان العكس فقذف النصراني أو اليهودي المسلم الحر فعليه ما على المسلم: ثمانون جلدة.

.4- الحرية:

فلا يحد العبد بقذف الحر له، سواء أكان العبد ملكا للقاذف أم لغيره: لأن مرتبته تختلف عن مرتبة الحر، وإن كان قذف الحر للعبد محرما لما رواه البخاري ومسلم.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قذف مملوكه بالزنا أقيم عليه الحد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال».
قال العلماء: وإنما كان ذلك في الاخرة لارتفاع الملك، واستواء الشريف والوضيع، والحر والعبد، ولم يكن لأحد فضل إلا بالتقوى، ولما كان ذلك تكافأ الناس في الحدود والحرمة واقتص من كل واحد لصاحبه، إلا أن يعفو المظلوم عن الظالم.
وإنما لم يتكافأوا في الدنيا لئلا تدخل الداخلة على المالكين في مكافأتهم لهم فلا تصح لهم حرمة ولا فضل في منزلة، وتبطل فائدة التسخير.
ومن قذف من يحسبه عبدا فإذا هو حر فعليه الحد، وهو اختيار ابن المنذر، وقال الحسن البصري لا حد عليه.
وأما ابن حزم فإنه رأى غير ما رآه جمهور الفقهاء، فرأى أن قاذف العبد يقام عليه الحد.
وأنه لا فرق بين الحر والعبد في هذه الناحية.
قال: وأما قولهم لا حرمة للعبد ولا للامة فكلام سخيف. والمؤمن له حرمة عظيمة.
ورب عبد جلف خير من خليفة قرشي عند الله تعالى.
ورأي ابن حزم هذا رأي وجيه وحق، لو لم يصطدم بالنص المتقدم.